روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | لبيك.. شعار الحياة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > لبيك.. شعار الحياة


  لبيك.. شعار الحياة
     عدد مرات المشاهدة: 3513        عدد مرات الإرسال: 0

(لبيك اللهم لبيك, لبيك لا شريك لك لبيك, إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك). .

بهذه الكلمات يبدأ الحاج شعيرته منادياً ومناجياً ومتذللاً, تاركاً بيته وأهله وأعماله وتجارته ووطنه, ملبياً مستجيباً لدعوة الله عز وجل له, ليلحق بركب الوفد الذين دعاهم ربهم فأجابوه كما جاء في الحديث (الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم) صحيح الترغيب للألباني

والتلبية هي الاستجابة قال ابن كثير في النهاية:  (لبيك اللهم لبيك.. هو من التلبية وهو إجابة المنادي أي إجابتي لك يارب, وهو مأخوذ من لب بالمكان وألب به إذا أقام به وألب على كذا إذا لم يفارقه).

يتلقى الحاج في كل مواقف الحج وتنقلاته دروساً عملية, ومواقف تربوية, وتتحرك في قلبه خلجات إيمانية ترسخ معاني الاستجابة في نفسه وتبرز معالمها وتفرضها في واقع حياته, فلو نظرنا إلى العبادات لوجدنا منها ما يؤدي في مكان واحد كالصلاة والاعتكاف, ومنها ما يؤدى في زمان واحد كالصيام والزكاة.

بينما الحج يؤدى في أماكن متعددة ومواقفٍ مختلفة وأزمانٍ متنوعة وأحوالٍ شتى, فليست الاستجابة في الحج في مكان واحد ولا في صورة واحدة ولا في زمان واحد, ولا حتى في هيئة واحدة, ولا في ذكر واحد..

فكأن رحلة الحج تمثل رحلة الحياة كلها, وكأن كل موقف من مواقفها يمثل محضناً يتدرب فيه الحاج على معايشة الاستجابة في كل أحيانه ليتخرج من مدرسة الحج مؤهلاً لأن يحقق معنى قول الله تعالى: ) قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام: 162

ودروس الاستجابة في الحج كثيرة, فقد دعانا ربنا لترك الأوطان والأهل فاستجبنا..

دعانا للخروج إلى منى والمبيت بها يوم التروية فتوجهنا إليها ملبين مستجيبين..

دعانا للوقوف بعرفة فلبينا..

دعانا لرمي الجمار فاستجبنا..

دعانا للطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة فلبينا واستجبنا..

دعانا لاستلام الحجر وتقبيله والإشارة إليه فاستجبنا مع علمنا أنه حجر لا يضر ولا ينفع..

إن هذه الأعمال لا يشعر الحاج منها بمعنى خاص سوى الاستجابة والتلبية, والاستسلام لحكمه فهل نحن في سائر حياتنا ملبون مستجيبون.

ما أجمل هذه المعاني والصور التي يبرزها الحج, ما أجملها لو تتكرر في حياتنا وترسخ بالامتثال الكامل لأوامر الله عز وجل, بإخلاص الدين له وحده, وإقامة الصلاة وأداء الأمانة وحفظ الحقوق وصدق الحديث ولبس الحجاب للمرأة المسلمة, يا ليت هذه الاستجابة تدوم وتبقى أمام حرمات الله والحذر من الشرك والظلم والعدوان والقطيعة والفساد الأخلاقي والتبرج.

حين يستشعر الحاج معنى التلبية وهو يردد كلماتها, ستحمله على أن يطوف بقلبه وعقله في سائر الحياة التي يعيشها ليعلم أن الله تعالى ناداه في كتابه وأمره ونهاه, ووعظه ووعده ودعاه, فيختبر نفسه عند كل أمر ونهي جاء عن الله تعالى, سائلاً نفسه: أين أنا من معنى هذه الاستجابة في حياتي؟! .

الكاتب: د. أسماء بنت راشد الرويشد

المصدر: موقع آسية